تربويات24 : |
تم إحداث المجلس الأعلى للتعليم، وتم تفعيله مؤخرا ليسهم في إصلاح المنظومة التربوية، ونتمنى ألا يتحول إلى رقم لا يغير في المعادلة شيئا، هذا إن لم يزد الأوضاع تدهورا إذا لم يقم الأعضاء الملمون بشؤون التعليم والمعايشون لهمومه بما يجب القيام به
لإعادة الأمور إلى نصابها متى تعلق الأمر بطرح رؤى، أو تقديم مشاريع عبثية غريبة عن التربية والتعليم ستجهز على بصيص الأمل الذي نتمسك به.
فكيف يعقل أن يصر بعض الأعضاء، من خلال ما تسرب عن الجلسة الأولى الرسمية للمجلس، على طرح مشروع التدريس بالدارجة، "لغة الأميين" لإصلاح التعليم؟ فعن أي تعليم يتم الحديث إذاً ؟
في مركز الدراسات والأبحاث والتقييم للتربية والتكوين لا نتبنى اعتماد أية لغة للتدريس، لأن مثل هذه المواضيع هي التي تتطلب التوافق بين مكونات المجتمع، بشرط أن يكون على أسس علمية محضة. لكن كأخصائي في شؤون التربية والتعليم سألقي الضوء بكيفية مقتضبة على اللغة العربية، حجر الزاوية في هويتنا الحضارية كمغاربة، ومدى قابليتها لتدريس العلوم بكل أصنافها وتعقيداتها. ولكي لا أطيل أقول، فحتى في أدق الأمور، كالتعبير عن الشيء المجهول في الرياضيات بالحرف "إكس" (x)، يرجع الأصل فيه للغة العربية، لغة الرياضيات والهندسة والجبر والكيمياء والفيزياء والفلك والطب والجغرافيا والجيولوجيا ... والمثير في هذا الأمر، أن يتطرق الفكاهي الأمريكي "تيري مور" Therry Moore لهذا الموضوع العلمي، المغيب عنا وعن أبنائنا، في قاعة تغص بالجمهور الأمريكي بولاية كاليفورنيا، خلال شهر مارس 2012. تدورفكرة الفكاهة حول السر في التعبير عن الشيء المجهول بالحرف اللاتيني (x)؟
ومن بين ما قاله :"قبل ست سنوات من الآن قررت تعلم العربية، فتعرفت على لغة منطقية للغاية، فكتابة عبارة أو جملة أو فقرة يماثل وضع معادلة رياضية، كل طرف فيها دقيق جدا ويحتوي على الكثير من المعلومات". ويقول كذلك: "إن هذا هو أحد الأسباب التي تجعل الكثير من العلوم والهندسة والرياضيات التي نعتبرها غربية، قد تم التأسيس لها خلال القرون الوسطى من قبل العرب".
لن أطيل أكثر مما يسمح به المقال لأقول لمن لا بعرف مكانة اللغة العربية العلمية وعظمتها إن عدد كلماتها 12.302.912 ، بينما عدد كلمات الإنجليزية 600.000 ، والفرنسية 150.000 ، والروسية 130.000 . فهل من تعليق غير القول إن طوق الجهل المستحكم الذي أحاط بنا من الجوانب يشكل حاجزا منيعا بيننا وبين كنوزنا اللغوية والحضارية الرائعة والرائدة. أ.د عبد الله لخلوفي
رئيس مركز الدراسات والأبحاث والتقييم للتربية والتكوين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق