مرجعك الدائم للنجاح والتفوق والتنمية الذاتية، والتحضير للمباريات والكفاءة التربوية والتأهيل المهني والشؤون الإدارية

بحث هذه المدونة الإلكترونية


منهاج التنمية الذاتية

تربويات24 :
   توجد حاجة ملحة ومصيرية إلى إعادة اختراع علم "التنمية الذاتية". ليس ﻷن هذا العلم تشكل في صورته الحالية المنتشرة في الكتب وبرامج التدريب والاستشارة على الطريقة اﻷمريكية وتشبع بروحها وفلسفتها ويخدم أهدافها المعلنة والخفية،
ولكن ﻷن هذا العلم هو من العلوم الاستراتيجية التي تساهم في بناء "اﻷمن القومي" ﻷي أمة أو مجتمع، ومن الغباء أن تقوم أمة ببناء ذاتها وفق فلسفة غيرها وحاجاته وأولوياته وأهدافه، ثم إن ثراثنا التربوي والعلمي غني بمساهمات نوعية في مجال تطوير الذات الفردية والجماعية في كل أبعادها وبشكل متوازن وفعال.
لكن ما هي أركان البناء الجديد؟ وما السبيل إلى تطويرها؟
إن أركان أي بناء جديد لهذا العلم يجب أن تغطي المجالات السلوكية الفردية والجماعية التالية:

-- التربية العملية والتحرر من مصيدة العادات:
هدف هذه التربية بناء اﻹرادة والهمة.. أي بناء الشغف والمثابرة.
اﻹرادة ابتداء هي توتر الذات.. تم هي ترك العادة.. وأخيرا هي وضوح الأهداف والغايات والايمان الراسخ بها.
أما الهمة فهي النهوض للطلب.. طلب اﻷهداف والغايات الفردية والجماعية. الهمة هي المثابرة في سلوك يومي.. ودعك من خطاب اﻷحلام وقانون الجذب. الهمة سلوك أي نفس طويل في رحلة طويلة وشاقة، أما "الجذب" فوعد بسلوك لا طريق معه. "سلوك" تتوتر الذات فيه بسرعة بمفعول استراتيجيات الوصفات الجاهزة والتحفيز السريع ثم تنطفئ بسرعة أيضا.
   إن "تربية" استراتيجيات الوصفات الجاهزة والتحفيز السريع مثل الغربال، يتآكل يومياً، وفي وقت ما يتحوَّل الغربال إلى طارة تدحرجها العادة من جديد.

-- التربية العاطفية والتحرر من مصيدة المشاعر:
   هدف هذه التربية تطوير الذكاء العاطفي. توجد حاجة ملحة لتربية الناس على التعرف على مشاعرهم، وعلى مشاعر اﻵخرين، والتعبير المناسب عنها، والتحكم فيها، والثقة بالذات، وتقدير الذات واﻵخر. التربية العاطفية تربينا على رجولة محاولة الفهم بدل فسولة السخرية أو التعاطف الغبي، وتربينا على الانضباط وإعداد الفعل بدل الانخراط الغبي في ردود اﻷفعال.
   إن الذكاء العاطفي يمنحنا وعيا يذكرنا في كل موقف بألا "نشتر العبد إلا والعصا معه"؛ فالعاطفة المجنحة دون نضج عاطفي خبال يعطي النشوة المخدرة لكنه لا يعطي الفعالية والنجاعة.. تم إن الذكاء العاطفي يمنحنا القدرة على تحقيق أهدافنا دون مواجهة.
إن كنت من سكان اﻷجمة يمنحك الذكاء العاطفي إحساسا بأنك محروم من القيم السامية لهذا الكون مثل المحبة والعطاء، وإن كنت من سكان المدينة الفاضلة يمنحك الذكاء العاطفي وعيا بخطورة السياقة بسرعة عالية دون تحكم.. إن الذكاء العاطفي يعطيك توازنا.

-- التربية الفكرية والتحرر من مصيدة المعتقدات:
   موضوع التربية الفكرية العقل وأزمة العقل ومحنة العقل.
التربية الفكرية معالجة شاملة للعقل ولوظائفه:
- معالجة العقل لتطوير قدرته على التعلم السريع والفعال.
- معالجة الذاكرة لتطوير رشاقتها وقوتها.
- معالجة ملكة الفهم لتطوير عمقها.
- معالجة ملكة التحليل لتطوير دقتها.
- معالجة ملكة الحكم لتطوير صوابها.
- معالجة ملكة الاستدلال لتطوير حجتها البالغة.
- معالجة ملكة النقد لتطوير فعاليتها العملية وإنصافها الموضوعي.
   وليس هدف التربية الفكرية بناء البيت فقط؛ أي تطوير الذكاء التحليلي بكل مستوياته ومتطلباته مع النظرة النسقية الشمولية، بل أيضا تأثيثه. وتوجد على هذا المستوى حاجة ملحة لتربية الناس على الرصد السريع للعلامات المناسبة، والتعامل الجيد مع المعلومات والمعارف الجيدة ومصادرها، وبناء ثقافة عامة صلبة ومتوازنة، بهدف صناعة القرارات الجيدة، وطرح المشكلات الحقيقية وحلها بفعالية وكفاءة.

ثلاثة مجالات للفعل التربوي الهادف لتنمية الذات تحررنا من ثلاث مِصْيَدات في هذه الحياة هي عاداتنا ومشاعرنا ومعتقداتنا.
إن هذه المجالات التربوية الثلاثة هي مجالات لفعل تربوي واحد؛ ﻷن اﻹنسان كل لا يتجزأ. ولا يمكن فصل عنصر من هذا الكل والاشتغال على تطويره بمعزل عن العناصر اﻷخرى.. إنها مجالات متداخلة ومتشابكة ومتفاعلة.
هذه إذن هي أركان أي بناء جديد لعلم "التنمية الذاتية". لكن ما السبيل إلى تطويرها بالرجوع إلى ثراثنا التربوي والعلمي وبالانفتاح على مكتسبات العلم والتجربة الانسانيتين؟


                                                                   منهاج التنمية الذاتية(1)
                                                             سلسلة يكتبها الدكتور إدريس أوهلال

ليست هناك تعليقات: