تربويات24: |
فمن " الأستاذ المصاحب " تعريفا وشرطا وحضورا وواقعا؟ ومن " المكلف بالتأطير التربوي " تعريفا وشرطا وحضورا وواقعا؟ سؤالان لن يكون جوابهما إلا تساؤلا حين تغيب المعلومة الدقيقة عن الباحث.
فالأستاذ المصاحب مصطلح يتركب من شقين لغويين: الأستاذ والمصاحب. فالأستاذ معلوم بالضرورة القانونية وفق القانون الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية. والمصاحب وصف ونعت يوجب وظيفة إضافية عن الأستاذية بمعنى يرقيه إلى خارج الأستاذية. وهنا؛ ما التشريع القانوني الذي يؤطر " الأستاذ المصاحب " تأطيرا تشريعيا واضحا لا لبس فيه حتى لا يقع له ما وقع للأستاذ المرشد والأستاذ المورد والأستاذ الكفيل ... فمذكرة وزارية غير كافية في هذه المسألة، وإنما المرسوم هو الفيصل هنا في إيجاد هذه الصيغة. أما إحداثه بموجب مذكرة فإلغاؤه يكون أسهل بموجب مذكرة أو تعطيلها. وهذا الوضع في إطار التأطير التربوي لا يمكن القبول به لأن التأطير التربوي مهمة لها كفاياتها ومؤهلاتها وشروطها ومتطلباتها. فالأقدمية لم تعد في هذا العصر كافية لإحداث التغيير والتطوير. وإنما هو التكوين الأساس والتكوين المستمر والتكوين الذاتي والتكوين من المهد إلى اللحد هو السبيل إلى التأطير التربوي. فالمصاحبة إن تقوقعت في التراثيات التربوية التقليدية المتوارثة فإنها تقتل المنظومة التربوية وتحنطها في قوالب وأنماط جامدة ومتحجرة، وفي حفريات قابلة لدراسة ما كان وليس ما هو قائم وما سيكون! وحتى لا يكون الأستاذ المصاحب عرضة لـ " اطلع تأكل الكرموص، انزل شكون قالها ليك "! ويضمن حقوقه كاملة سواء ما تعلق منها بتعويض الأستاذية المصاحبة في التنقل أو في وظيفة المصاحبة، ويضمن حقوقه في الانتقال بصفته هذه من مؤسسة إلى أخرى في إطار الحركة الانتقالية ولا يفقدها بمجرد الانتقال مثلا ... فإن كان الأستاذ المصاحب صيغة من الصيغ التي عهدناها من الوزارة، فلن يكون إطارا وإنما تكليفا. والتكليف قابل للرجوع عنه. وعليه نطرح الأسئلة التالية في حقه: من هو الأستاذ المصاحب تشريعيا؟ وما شرط وجوده؟ ومتى يحضر في المنظومة التربوية والتكوينية؟ وما الواقع الذي سيحتضنه؟ وأما المكلف بالتأطير التربوي فنفس الأسئلة تتوجه نحوه لإيجاده في المنظومة التربوية والتكوينية، وإن كان التكليف يقع من خارج المهمة الرئيسة للمكلف. فمن هو المكلف هنا؟ أإطارا تربويا أو إداريا أو تقنيا؟ وما كفاياته في التأطير التربوي ومؤهلاته في ذلك؟ فللعلم أن التأطير التربوي مجال غير مفتوح ومتاح للجميع على قدم المساواة ولا هو بمفهوم السائبة. وإنما مجال له قواعده ومداخله ومؤهلاته وكفاياته وكفاءاته، فهو للتطوير والتجديد والتحبير والتغيير قائم وموجود، وللسكون وللتقليد مناقض وناقد ومحارب. لهذا؛ فهذه الصيغ لابد من توضيحها تشريعيا وقانونيا بكل تفصيل مفهوم غير ملتبس. وإلا سنكرر صيغا سابقة وحاضرة لن تجني منها المنظومة التربوية والتكوينية أية إضافة نوعية. هذا قول خطر لي وأنا أتصفح مجمل التدابير ذات الأولوية التي وجدت فيها ثقوبا عديدة منها ثقب كبير وعميق جدا هو غياب البحث التربوي مكونا مؤسساتيا رئيسا من مكونات الإصلاح. فالمنظومة التربوية والتكوينية التي يغيب عنها البحث التربوي أو البحث بصفة عامة هي منظومة ميتة، جثتها قابلة للدفن بعد التكبير عليها. وعليه؛ ويجب مقاربة هذه الصيغ مقاربة علمية وتشريعية لما لها من أثر على الأداء التعليمي، وعلى مستقبل العباد والبلاد. فنحن أمام منظومة تصنع الإنسان وتؤنسنه وتؤهله، وتصنع المستقبل والحضارة. وهي صناعة ليست بهينة وليست ارتجالية ولا اندفاعية ... وإنما عقلانية متبصرة ...
عبد العزيز قريش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق