مرجعك الدائم للنجاح والتفوق والتنمية الذاتية، والتحضير للمباريات والكفاءة التربوية والتأهيل المهني والشؤون الإدارية

بحث هذه المدونة الإلكترونية


تعرف تقنيات الإدارة الصفية الفعّالة

تربويات24 >>
المحتويات

المقدمة

أولاً : التصنيف التقليدي لأشكال الإدارة الصفية.
ثانياً : تطور مفهوم الإدارة الصفية.
ثالثاً : إدارة البيئة الصفية الفيزيائية أو المادية.
رابعاً : إدارة البيئة الصفية النفسية.
خامساً : إدارة الإجراءات الصفية.
سادساً : مبادئ يجب مراعاتها في الإدارة الصفية.
سابعاً : التدخل التربوي و التقنيات المستخدمة.


المقدمة :
تتوقف كفاءة المعلم وفاعليته إلى حد كبير على حسن إدارته للموقف الصفي، والمحافظة على النظام في غرفة الصف، وخلق الظروف المناسبة وتوفير الشروط الملائمة التي يحدث في إطارها التعلم. لأن الإدارة الفعالة للموقف الصفي شرط ضروري للتعليم والتعلم ، وتحقيق الأهداف التربوية.

ويدخل في إدارة الموقف الصفي ، توفير الجو الهادئ والمريح للمتعلمين حتى يتم التفاعل الصفي الناجح والمستمر بين المعلم والمتعلمين من ناحية وبين المتعلمين أنفسهم من ناحية أخرى ولإحداث ذلك لا بد من توفير البيئة المناسبة والمشجعة على التفاعل المنتج سواء ما يتعلق منها بتنظيم الأمور المادية فـي مكان التدريس والتدريب أو الجو الاجتماعي والعاطفي الذي يسودها فمن الثابت أن المناخ النفسي والاجتماعي يوثر تأثيراً كبيراً في طبيعة التفاعل وفي نتاجات التعلم المعرفية والمهارية والوجدانية هذا وإن نمط إدارة المعلم لصفه وقيادته للمتعلمين من أهمّ العوامل المؤثرة في المناخ النفسي والاجتماعي في غرفة الصف.

فالمعلم هو المسؤول عن تهيئة مناخ الصف الملائم لإتمام عملية التعلم بعد التخطيط المسبق للدرس وتناط به المهام التالية:
إشغال المتعلمين طوال مراحل الدرس وإشراكهم فعلياً في كل خطوة من خلال طرح الأسئلة وغيرها من المهام وإشعار الجميع بالمسؤولية.
الانتباه إلى كل ما يجري في غرفة الصف ومكان التدريب من منطلق الشعور بالمسؤولية عن جميع المتعلمين فيه.
إثارة اهتمام المتعلمين وتشويقهم للدرس والاهتمام برغباتهم وميولهم وصحتهم.
توفير الجو الاجتماعي الايجابي داخل الصف وفي مكان الورشة بتكوين علاقات إنسانية مع جميع المتعلمين ومعاملتهم على أنهم أشخاص ذو قيمة واحترام.
إتاحة الفرصة للمتعلمين للتعبير عن ذواتهم وعرض أفكارهم ومشاعرهم ومناقشتها.

أولاً: التصنيف التقليدي لأشكال الإدارة الصفية:
تتنوع أشكال إدارة الموقف الصفي التقليدية بتنوع أساليب التفاعل الصفي ، وهذه الأشكال هي:

الشكل الديمقراطي:
ويقابله أسلوب الاتصال والتفاعل ثلاثي الاتجاه حيث يسمح المعلم بالتفاعل بينه وبين المتعلمين وفيما بينهم وهو يتخلى عن كونه المصدر الوحيد للمعرفة فيساعد المتعلمين على عرض وجهات نظرهم والتعبير عن أنفسهم لتنمية مهارات واتجاهات يحتاجونها في حياتهم اليومية والمعلم قبل كل ذلك خطط لهذا التفاعل ثلاثي الاتجاه مسبقاً وتمكن من فهمه واستيعابه.

ينطلق الشكل الديمقراطي لإدارة الموقف الصفي من مقولتين هما الأولى أن المعلم لم يعد هو الذي ( لا يسأل عما يفعل ) والثانية أن المتعلمين ليسوا أحجار شطرنج يفعلون ما يؤمرون به ويحتفظون بعواطفهم لأنفسهم وليسوا رقماً من الأرقام أو عدداً من الأعداد بل هم كيانات وشخصيات إنسانية متعددة لهم الحق في التعبير عن مشاعرهم بشكل فردي أو جماعي.

الشكل الفوضوي:
ويقابله الاتصال والتفاعل الفوضوي في غرفة الصف، حيث المعلم لا يسيطر على النشاط والتفاعل الصفي لفقدانه التخطيط المسبق له، وهو غير قادر على المبادرة الصفية والنتيجة هي ضعف إنتاجية المتعلمين وشعورهم بالقلق وعدم الثقة ولا يعرفون نتيجة عملهم ، وهذا يؤدي إلى عدم ثقتهم بأنفسهم، ويشيع جو الفوضى بينهم.

الشكل التسلطي :
ويقابله أسلوب التفاعل الصفي وحيد الاتجاه ، حيث المعلم يرسل ما يود قوله للمتعلمين باستمرار ولا يستقبل منهم شيئاً وهذا الأسلوب هو أقل فاعلية لكون المعلم هو المسيطر على الحصة الدرسية وهو المصدر الوحيد للمعرفة.

ومهما كان أسلوب المعلم في الإدارة الصفية فلا بد له من توافر مجموعة من مهارات الاتصال الرئيسة ،وهي:

المهارات العامة:
أ – ملاءمة أساليب الحوار للأهداف.

ب – توفير المستلزمات التي تجعل الحوار مفيداً.

ج – خلق الجو المفضي إلى الحوار.

المهارات الخاصة:
أ – استثارة عواطف الطلبة من أجل البدء بالنقاش.

ب – صياغة السؤال المناسب.

ج – تدريب الصف على النقاش.

د – توجيه النقاش.

هـ - وضع نهاية للنقاش.

ثانياً : تطور مفهوم الإدارة الصفية:
يرى راندولف ( Randolf ) أن الإدارة الصفية هي " مجموع الممارسات التربوية التي يستخدمها المعلم من أجل تشجيع المتعلمين على تطوير التعلم المســتقل لديهم ، وتطبيق الرقابة الذاتية لذلك التعلم " ولم يخرج إفرتســـــون ( Evertson ) عن المعنى السابق حينما وجد أن الإدارة الصفية لم تعد تقتصر على مجرد إكتساب الكفايات الاجتماعية ، ومهارات التواصل البيئي والقدرة على إدارة الحوار الصفي ، وإنما هي العملية التي تنظم الفاعليات الصفية المختلفة.

ولم يبق مفهوم الإدارة الصفية على حاله بعد التغيرات الكبيرة التي طرأت على مهام المدرسة والمعلم على السواء. وقد رصد جونز ( Johnes ) ما طرأ على ذلك المفهوم من تغيرات والعوامل التي أدت إلى ذلك فوجد أنه خلال ستينات القرن الماضي كان الاهتمام الأكبر يتجه نحو الكيفية التي يدار بها سلوك المتعلمين لتحقيق النجاح المدرسي ، غير أنه كان لمبادئ المدرسة الإنسانية تأثير كبير في تغيير النظرة السابقة حيث لم تعد الغاية للتعليم فحسب ، وإنما الاهتمام بتنمية الذات وتقديرها احتراماً للكرامة الإنسانية لدى المتعلم ومن جهة ، ولأن هذين الأمرين يؤثران على التعلم من جهة أخرى ، لذلك طلب من المعلم أن يقدم كل مساعدة ممكنة للمتعلم المتأخر كي ينمي الثقة بذاته ، ويتلاءم مع نفسه والآخرين.



غير أن عدم تحقيق النجاح المرجو كله من استخدام تلك التقنيات ، دفع المدرسة السلوكية ، انطلاقاً من المبادئ التي تقول بها ، إلى معالجة المسألة ذاتها ، والمتعلقة بحل مشكلات السلوك بموجب التقنية المشـــهورة التي عرفت بها وهـــي ( تعديل السلوك ).



وبحسب النظريتين السابقتين ، فإن إدارة الصف الدراسي كان لها مفهوم ضيق ، كما يلاحظ لا يتعدى مجرد التصرف حيال مشكلات السـلوك لذلك وجد من يرغب في توسـيع الإدارة الصفيـة ، من أمثال ( كونت Kount - وبروفي Brophy - وافرتسون Evertson ) لتشــــمل واجبات جديدة مــــن قبيـــل ( تحريك الصف والعمل التعاوني وإشراك المتعلمين في إدارة الصف ) وبخاصة في الأمور المتعلقة بتعليمهم وتعلمهم.

وبعد نجاحات هؤلاء اندفعت المدرسة الإنسانية كي تدلي بدلوها من جديد في الإدارة الصفية ، فلم تعد كالماضي تقتصـر على القول بحاجة المتعلمين إلى تقدير الذات فحسب ، بل زادت عدد الحاجات التي تؤثر في المتعلم والتي يجب تلبيتها كذلك طرأ تعديل كبير على المدرسة السلوكية القديمة ، حتى ليمكن القول ( إنها أخلت مكانها لسلوكية جديدة مغايرة لها تماماً ) فبدلاً من الإلحاح على تعزيز السـلوكات الخارجية المرئية ، بحســـب جـداول التعزيز المعروفـة لـ سـكنر ( Skiner ) راحت السلوكية تركز على السـلوكات المعـرفية.

ولهذا أطلق عليها بعضهم اسـم ( السلوكية المعرفية ) وبحسب هذه النظرية الجديدة أصبح ينظر للصف الدراسي بوصفه وسطاً نوعياً خاصاً على المعلمين تنظيمه بحسب قواعد وإجراءات تدير الفاعليات المختلفة فيه ، بما فيها فاعليات التعلم نفسها وهكذا ربطت سلوكات المتعلمين على نقيض السلوكية القديمة بالتفكير وباللغة الداخلية لهؤلاء.

وبعد انتشار المدرسة المعرفية الواسع والإيغال في دراسة التفكير والمهارات المتعلقة به وكيفية تعليمها ، راح منظرو هذه المدرسة يركزون على ما دعوه ( المهارات ما وراء المعرفية ) ولقد حددوها وعرفوها ووضعوها كما وضعوا تقنيات للتدريب عليها من أجل تنميتها وأدى ذلك كله إلى إثارة موضوعات جديدة في التعليم والتعلم كما غير مضمون مفاهيم تربوية معينة فأصبحت أكثر عمقاً وغنى ، مثل إثارة الدافعية للتعلم وإدارة الفهم ، وضبط المتعلم لتعليمه وهو يتعلم ومن ثم تقويمه ، وضرورة مراعاة الجوانب الانفعالية في التدريس لكبر تأثيرها في التعلم .

وبالتالي زيادة النتاج أو المردود الدراسي كماً ونوعاً . وهذا كله يفرض على المعلم زيادة الاطلاع كما يتطلب إعادة تدريبه من أجل امتلاك استراتيجيات تعليم جديدة تكفل تحقيق ما سبق من جهة ، وتغير في مفهوم الإدارة الصفية من جهة أخرى.

ولهذا وبفضل جميع النظريات السابقة فإن مفهوم الإدارة الصفية قد تطور بعمق ولم يعد يقتصر على مجرد المحافظة على النظام ، كما كان متعارفاً عليه.

ثالثاً : إدارة البيئة الصفية الفيزيائية أو المادية:
وتتعلق بعوامل كثيرة تعود إلى البناء المدرسي بعامة ، وإلى غرفة الصف الدراسي بخاصة ولا يتسع المكان هنا لتناول المواصفات والشروط المطلوبة للبناء المدرسي ويكتفى بالقول إن الفضاء الجغرافي والإطار البيئي الأركولوجي يجب أن يؤخذا بالحسبان إضافة إلى ضرورة الالتفات إلى النواحي العمرانية والمعمارية التي يتكفل بدراستها المختصون بعد أن وضعت ها مواصفات معينة ، ومعايير للجودة.

وإذا عدنا إلى نطاق غرفة الصف الدراسي فلا بد من العمل على تحقيق الأمور الآتية:
توفير غرفة صحية ملائمة من حيث المساحة والإضاءة والتهوية مع توافر درجات حرارة مناسبة بعيداً عن المشوشات والفوضى الخارجية.
عدم وضع ما يزيد عن ثلاثين متعلماً في الصف الدراسي يتوافر لكل منهم مساحة كافية تساعدهم في الجلوس والتحرك ، بشكل يريحهم من جهة ويبعد الاكتظاظ الذي يؤدي إلى تقييد الحركة ، وبالتالي خلق الضيق والتوتر اللذين غالباً ما يؤديان إلى الانفجار والخروج على النظام.

3- تأمين الكراسي المريحة والطاولات العملية ، وذلك بحسب مواصفات محددة للمحافظة على سلامة المتعلمين الصحية ... إضافة إلى ترتيب تلك المقاعد بحيث تكون قابلة للتحريك بما يخدم أسلوب العمل الصفي وطريقة التدريس ، فإذا كان أسلوب العمل الصفي يتم بالتعليم التعاوني فإن المقاعد توزع في مجموعات بعدد أعضاء كل فريق أو زمرة وإذا كانت طريقة التدريس تقوم على النقاش الجماعي فترتب على شكل قوس أو نصف دائرة أو حذوة الفرس .... وإذا كان المتعلمون منخرطين في عمل فردي فترتب بشكل متباعد الواحد عن الآخر وهلم جرا ... ولكن ما ينصح به في هذا المجال الابتعاد عن وضع المقاعد على شكل خطوط متوازية يدير المتعلمون فيها ظهورهم لمن وراءهم مما يعرقل التواصل فيما بينهم والمهم في الأمر ترك فسحة من الحرية في ترتيب المقاعد لأن هذا الترتيب له تأثيره في التدريس والأنشطة التي تمارس من خلاله هذا إضافة إلى أن حرية تحريك المقاعد يفسح المجال لاستخدام غرفة الصف أحياناً لأغراض مختلفة في مناسبات متعددة ناهيك عن تحريك المقاعد بما يتناسب مع طرائق التدريس التي يحتاج بعضها إلى تنظيم الغرفة بما يلائمها.

4- توفير أجهزة ووسائل ثابتة في الصف الدراسي مثل السبورة الجدارية الملائمة من حيث مساحتها ، لونها كيفية تثبيتها ، صقالتها ، وإرفاقها بستارة متحركة تساعد المعلم على حجب ما يجب ، وإظهاره عند الحاجة ، وتوفير الطبشور أو الأقلام المناسبة ... الخ.

5- تنظيم وقت اليوم المدرسي بالنسبة لمعلم الصف ، وعلى المعلم أن يوزع زمن الحصة المدرسية بالشكل الذي يمكنه من تحقيق الأهداف التي يكون قد وضعها ، وهذا الأمر يتطلب تخطيطاً دقيقاً من المعلم كي لا يسرقه الوقت ، أو يزيد لديه فيسعى لتبريره ، لهذا قال ( فيمر ) كل دقيقة تنفق في التخطيط توفر أربع دقائق في التنفيذ.

رابعاً : إدارة البيئة الصفية النفسية:
يعني المناخ الصفي النفسي عامة الجو الانفعالي ، الوجداني السائد داخل الصف في إطاره يجري التعليم ، ويتحقق التعلم ، وتقوم علاقات إنسانية متبادلة لها تأثيرها الكبير ،. والمناخ الصفي النفسي الملائم لا يتوافر تلقائياً فهو بحاجة للتعهد والرعاية ، ويحتاج من أجل تحقيق ذلك إدراك المعلم لطبيعته ، ومعرفة الظروف المؤثرة فيه والعوامل التي تؤدي إلى إيجاده والآثار الإيجابية له.

• ومن عوامل المناخ الصفي النفسي الملائم:
توفير الوسط الصفي الآمن: لأن الشعور بالأمن والطمأنينة هي الحاجة الثانية من هرم ماسلو بعد الحاجات الجسدية وإرضاؤه شرط ضروري بحسب رأي ماسلو لإمكان تحقيق الحاجات التي تليه فلقد ذكر أن الشخص المهدد لا يستطيع الالتفات تماماً ودائماً إلى العمل والتحصيل وتحقيق الذات ... ذلك لأن المحيط الآمن يوفر لصاحبه جواً منظماً يساعد على التنبؤ بما سيقع من أمور. وهكذا يتوقع كل واحد في الصف تصرفات ومواقف معينة من قبل الآخرين. ومرد ذلك إلى أن تصرفات كل منهم محكومة بأسباب معقولة أو مسوًّغة تبعدهم عن الإتيان بأفعال رعناء لا مبرر لها.

2- تنمية الإحساس بالقبول: وهو كما عرفه ( مارزانو ) الذي يستبعد النفور أو النبذ من قبل الآخرين ، بل حتى عدم الترحيب بالوجود ، والرغبة في الانصراف عن فرد أو مجموعة أفراد يفترض أنهم ينتمون لجماعة يوجدون فيها. وهذا يؤكد أهمية إدراك المتعلمين لتقبلهم من مدرسهم ومن الزملاء الآخرين.

يبدو هذا التقبل أحياناً على شكل سلوكات بسيطة قد يظن المرء أنها تافهة لا قيمة لها ، ولكنها في الواقع ذات أهمية كبيرة ، وبخاصة عند من يشعرون بأنهم غير مقبولين فابتسامة عابرة ، أو كلمة طيبة ، أو ربتة على كتف ، أو نظرة معبرة أو تكليف بأمر يسير .... كلها أمور تنم عن قبول ، وبالتالي تولد شعور المقبولية ، الذي يقابل الحاجــة إلى الشــــعور بالانتماء التي وردت في هــــرم ماســــــــــلو ( Mastow ) للحاجات ، لأن عدم تلك الحاجة ، يهز الثقة بالنفس ، ويهز صورة الهوية الشخصية ، ويشعر بألم داخلي مرير.

وقد ذكر ( مارزانو ) عدداً من التقنيات التي تساعد على هذا الشعور منها:
التقاء العيون في الصف بين المعلم وكل تلميذ ، وهو ينتقل من واحد لآخر.
نداء التلاميذ بأسمائهم.
التحرك عن قصد نحو المتعلمين والاقتراب منهم.
توفير وقت كاف للاجابة عن كل سؤال.
احترام وتقدير استجابات التلاميذ.

وقد أثبتت الدراسات أن جواً تدريسياً ملائماً مفعماً بالدافعية وتحقيق التعلم بمستوى عال يقلل كثيراً من مشكلات الطلاب.

ولخص أرشمونمبولت ( ِArcmun Bautt ) سوء تصرف المتعلمين بالأسباب التالية:

• عدم معرفة المتعلمين تماماً لما عليهم فعله ، أو لماذا يجب أن يفعلوه.

• أو ليس لديهم ما يفعلونه في فترة معينة في أثناء وجودهم في الصف. ويصادف ذلك غالباً مع الأذكياء الذين ينتهون سريعاً من إنجاز الواجبات التي أعطيت في الصف.

• إن أنشطة التعلم شديدة الصعوبة ، أو مسرفة في السهولة.

• أو أن تلك الأنشطة بعيدة عن اهتمامهم ، ولا تلبي حاجاتهم.

• أو أنها ليست بذات معنى بالنسبة لهم أو هي بعيدة عن واقع حياتهم أو غير قابلة للتطبيق والاستفادة منها.

بقي أن نقول: إن المعلم وحده . وإن كان هو قائد الصف ، لا يستطيع توفير ما سبق إن لم يكن في المدرسة ( أولا ، بمديرها والمعلمين فيها ) ، مناخ ملائم هو الأصل ، ويكون المناخ الصفي انعكاساً أو ترجمة له ، فجو الديمقراطية والتشارك والبعد عن البيروقراطيات والروتينات الجامدة ، وإشاعة الدفء والنبرة الوجدانية الإيجابية ، كلها لبنات تسهم في صرح مدرسة سليمة صحياً

ولكن ليست المدارس جميعها مع الأسف ، توفر مثل هذا المناخ التنظيمي الملائم ولهذا نجد مناخات متعددة منها: المألوف التقليدي ، والمنغلق ، والمنفتح ، والأبوي ، والمستقل ذاتياً . وكل منها يسبب مشاعر مختلفة ، لأن المدرسة تعمل كنظام مشاعر ، كما أثبتت دراسات عديدة إلا أنه يصعب قياس تلك المشاعر وبالتالي يصعب تحديد مداها وكمها ، الأمر الذي يجعل المقارنة في هذا المجال بين أنماط المناخ التنظيمي صعباً.

وعلى الرغم من تعدد أنماط المناخات الصفية فإن أياً منها يتطلب معلماً كفئــاً واثقاً من نفسه ، وقادراً على قيادة صفه بحكمة وتعقل.

خامساً : إدارة الإجراءات الصفية:
إن الاهتمام الرئيس للمعلم فيما يتعلق بإدارة الصف إنما هو الاتفاق مع المتعلمين على المسموحات والممنوعات والتصرفات المحكومة بها ، ولا يكفي التأكد من أن المتعلمين يعرفون ما يجب عليهم فعله وكيف يتصرفون ، وإنما يجب أيضاً التحقق من أن هؤلاء يملكون الكفايات الاجتماعية الضرورية للالتزام بما يطلب منهم ، وتعليمهم إياها في حال فقدانهم لها ، وبعد ذلك يطالبون بالالتزام بتطبيق القواعد والإجراءات التي أعد لها المعلم . لذلك كان للأسابيع الأولى في الصف الواحد وقعها الكبير على كل من المعلمين والمتعلمين . ولهذا السبب يستحسن أن يوظف جزء من الوقت في تلك الأساليب لوضع القواعد والإجراءات التي يجب إتباعها. فما هي تلك القواعد والإجراءات ؟ وكيف تُعدّ ؟ وما هي الأساليب التي تستخدم لتعليمها ؟ يمرّ ذلك في مرحلتين:

مرحلة وضع القواعد والإجراءات المطلوبة:
• إن تسيير الأمور الصفية يعني بالدرجة الأولى تحديد المعلم لتوقعاته التي ينتظرها من طلابه ، أي الإفصاح عما يريده منهم، وعما سيقوم به معهم ، ولتنظيم ذلك عليه وضع قواعد للعمل ، وتحديد سلوكات على المتعلمين الالتزام بها. وتكون هذه السلوكات المرتبطة بالقواعد والإجراءات الفعاليات اليومية الروتينية للصف ، لذلك يجب أن تكون واضحة تعيّن كيفيات التصرف حيال الأمر المختلفة في الشؤون العادية.

لقد صنف ( أفرتسون ) الإجراءات التي تشاهد في الصف الدراسي في الفئات التالية:
إجراءات عامة تتناول عادات وروتينات تتكرر باستمرار ، كالاستئذان للخروج من الصف أو الاعتذار عن تأخر طارئ أو توزيع الدفاتر على المتعلمين.
إجراءات ترتبط باستخدام المواد والأمكنة كما عند دخول المخبر أو المكتبة واستعمال الأدوات الموجودة فيهما.
إجراءات ترتبط بعاليات التعلم كالمحافظة على الانتباه في أثناء الدرس أو الاستئذان بالكلام أو طلب المساعدة.
إجراءات مرتبطة بفعاليات فرعية لها علاقة بالتعلم مثل تهيئة ما تحتاجه تجربة معينة أو التعاون على تحضير درس.
إجراءات تتعلق بالانتقال من مكان لآخر كما عند الانصراف من المدرسة أو الخروج إلى باحة المدرسة في وقت الاستراحة وكلها تصبح مجرد روتينات متعارف عليها.

ويقترن كل من الإجراءات السابقة عادة بقواعد تحدد كيفية القيام بها والقاعدة تحدد مجموعة المبادئ والسلوكات الحرة أو الروتينية التي توجب على المتعلمين الالتزام بها ، فالقواعد إذن تنظم العلاقات البينشخصية واستخدام الموارد العامة لذلك فهي ليست غاية في ذاتها وإنما الهدف منها تأمين الوسط الملائم للتعلم وهي في الوقت نفسه تؤهب لإعطاء التصرفات منطقيتها لأنها تعطي تسويغاً مقبولاً لها فحينما يقول المعلم عليك الاستئذان قبل الخروج من الصف فإن ذلك يكون مقبولاً حرصاً على عدم إشاعة الفوضى وتعطيل التعلم.

وليس القواعد وحدها تأثير إيجابي على التعلم وإنما للإجراءات والروتينات مثل ذلك أيضاً لأنها تقضي على الانقطاعات التي يمكن أن تعتري التعلم لولا وجودها كذلك تهب المتعلمين الشعور بالاستقرار عندما يعرفون الترتيب الذي يخضع له للسير الاعتيادي لليوم الدراسي إلا أن ذلك كله يجب ألا يحول الحياة المدرسية إلى أنماط جامدة بعيدة عن المرونة والتجديد والتكيف مع المستجدات المستمرة.

والقواعد والإجراءات على بساطة تعلمها لا تكسب وتنفذ من تلقاء نفسها بل يجب التدريب عليها ولهذا أطلق عليها بعضهم اسم المنهاج الضمني فهي وإن كانت لا تشكل منهاجاً يدرس كمنهاج التعليم إلا أنها يجب أن تخضع للتخطيط والتدريب النظامي عليها وهي تتطلب من المتعلمين في كل سنة أو يعودوا إليها ليذكروا بها ويدربوا عليها ولكن بعد أن يختاروا منها ما يتناسب مع أعمار تلاميذهم ومع مستواهم من جهة ومع عدد المقبول من جهة ثانية فلا تتعدد كثيراً بحيث مربكة وثقيلة وينصح التربويون عادة ألا تزيد عن خمسة أو ستة بادئ الأمر ومن ثم يضاف إليها عدد آخر كلما وجدت ضرورة لذلك ومما يساعد على تقليل عددها إعطاء قواعد عامة يمكن تطبيقها في مجالات عدة فالقاعدة التي تقول حافظ على النظافة يمكن أن تشمل أموراً عديدة منها عدم ألقاء الأوراق في الصف وبري الأقلام سلة المهملات وعدم ترك بقايا الطعام في باحة المدرسة.

أما الشروط الواجب توافرها بالنسبة للقواعد الموضوعة فإن أولى تلك الشروط:

ضرورة صوغها بعبارات ايجابية لا سلبية فعوضاً من القول ( لا تقاطع زميلك وهو يتكلم ) من الأفضل القول (حافظ على الدور عند النقاش) كذلك ضرورة صياغتها بكلام مختصر وواضح ليسهل حفظها واستيعابها هذا إضافة إلى جعلها مرنة تتلاءم والمواقف المستجدة فقولنا حافظ على الهدوء والنظام يجب ألا يمنع التلاميذ في الباحة من النشاط والحيوية والاندفاع للعب ويمكن القول بصورة عامة إن أمرين يخلقان إشكالات متعددة بصدد الإلزام بالقواعد المدرسية الأول: وضع قواعد غير مسوغة ولا منطقية كأن يقال استمع لزميلك دوماً وشاركه الرأي والثاني: عدم الاستمرارية والثبات في تطبيق قاعدة معممة كأن يقبل من تلميذ التأخير الصباحي يوماً دون سبب مسوغ وأن يعاقب عليه في يوم تالٍ.

هذا ولا بد من اشتراك المتعلمين في وضع القواعد التي ستطبق عليهم لأن ذلك يجعلهم أكثر التزاماً بها واقتناعا بضرورتها ويكون هذا الاشتراك بأشكال متعددة منها:

النقاش معهم حول ضرورة وجود قواعد يعمل بها ومن ثم تقديم قاعدة تلو الأخرى وشرحها وإعطاء أمثلة عنها وتسويغها ومنها اتخاذ قرارات حول قواعد معرفة في المدرسة من أجل إقرارها أو رفضها .... إلا أن المدخل الأول أفضل من الثاني أما المدخل الثالث فهو أن يضع المتعلمون بأنفسهم القواعد التي تحكمهم أو إعطاء عدد منها كي يختاروا من بينها ما يرضون عنه هذا كله يعود لفلسفة المعلم التربوية من جهة ولمستوى طلابه وأعمارهم وعددهم وخلفياتهم الاجتماعية – الثقافية التي يحددها وسطهم أو بيئتهم من جهة ثانية إضافة إلى النظام العام المعمول به في المدرسة.

2- إعلان القواعد والإجراءات المطلوبة:

يمكن تلخيص تلك المرحلة بإعلان القواعد والإجراءات وخطوات تطبيقها ، فالأطفال يأتون إلى المدرسة في العام الأول لهم فيها ولديهم تصور ما عن المدرسة سواء أكان صحيحاً أو مغلوطاً محبباً لها أم منفراً منها ويختلف هذا التصور من طفل إلى آخر بفعل عوامل مختلفة معظمها ترجع إلى الأسرة كما يتغير هذا التصور عبر السنوات اللاحقة سلباً أو إيجاباً أيضاً بفعل عوامل مختلفة يرجع معظمها هذه المرة إلى المعلم والمدرسة وهذا يقتضي القيام بما يأتي:

1- تقديم القواعد والإجراءات:

بعد وضع القواعد والإجراءات أو اختيارها من بين ما كان قد تم وضعه سابقاً فإنه يجب تقديمها للمتعلمين حتى يكونوا على علم أو معرفة بما يتوقعه الآخرون منهم ، معرفة تشمل المضمون ، وكيفيات العمل ، والوقت المناسب والأسباب المبررة.

ويكون تقديم تلك القواعد عبر تقنيات مختلفة منها التقديم الشفوي أو الكتابي وما يتبعه من وضع ملصقات بشأنها وتذكير منتظم بها في التقديم الشفوي يعطي المعلم أوامر أو إرشادات أو شروحات حول ما يجب القيام به والأسباب التي تقتضي ذلك والمناسبات التي تمارس فيها وكيفيات العمل وغالباً ما يأتي ذلك في بداية العام بل في الأسبوع الأول والثاني منه ليكون الأمر واضحاً وقد تكتب هذه القواعد على ملصقات تعلق في الصف وفي باحة المدرسة للتذكير بها أو أن تقدم لائحة بها ينسخ لكل متعلم واحدة منها وقد ترسل إلى الأهل ليكونوا على اطلاع بها وقد لا يكفي هذا كله فيلجأ المعلم للتذكير بها من حين إلى آخر ولاسيما عند الخروج على إحداها في مناسبة أو ظرف معين.

2- ربط القواعد والإجراءات بمكتسبات الطلاب السابقة:

لا تأتي القواعد والإجراءات المطلوب من المتعلمين الالتزام بها مقطوعة عن سائر معارف هؤلاء وإنما يجب إقامة علاقة معها خصوصاً فيما يتعلق بتقديم المسوغات التي أدت للمطالبة بتطبيقها والتي يقع معظمها في ذخيرة المتعلم ومعلوماته السابقة لذلك كنا قد ذكرنا أن التسويغ المنطقي أمر مهم يسهم في الالتزام بها ومن المعروف دوماً أن الطلبات الاحتياطية غير مقبولة ولا سيما عند المراهقين والشبيبة الذين يرفضون التحكم بهم وفرض الأمور عليهم.

3- تقديم عروض لتلك القواعد والإجراءات أو نماذج عنها:

خير ما يوضح أمراً غير معروف لشخص ما هو تقديم هذا الأمر أو عرضه أمامه ، إما هو بذاته أو نموذج عنه ولما كانت معظم القواعد تتجسد في تعليمات عامة قد لا يدركها الصغار بل وحتى بعض الكبار أحياناً ، فإن من المفيد تجسيدها في سيناريو معين أو نموذج محدد يجري القيام به أمام أعين المعنيين وبذلك يدرك هؤلاء ليس فقط ما عليهم فعله ، وإنما أيضاً كيف ولماذا يجب القيام به.

4- تطبيق ما تم عرضه فعلياً:

ويكون ذلك إما في مواقف تقتضيه ، أو في ظروف مصطنعة وفي أثناء ذلك يرفق ما يتم القيام به بشروحات من قبل المعلم ، أو بتعليقات حول أسباب القيام به ، مع ذكر المناسبات أو الظروف التي تتطلب ذلك ومن أجل استكمال التطبيق بعدئذ تخلق مواقف من قبل المعلم يكون المتعلمون أطرافاً فيها بغية مراقبة ما يفعلون والتدخل المباشر عند الحاجة فالمتعلمون الذي يجرون تجربة في المخبر عليهم أن يتعلموا كيف ينظفون الأدوات مثلاً ويعيدونها إلى أماكنها بسلام تحت إشراف المعلم أو زملاء لهم أكثر خبرة ، ومن ثم يتم التطبيق المستقل ، إذا كان الأمر يتطلب ذلك في بعض الحالات التي تكون أكثر تعقيداً مما جاء في المثال السابق هذا ويعاد هذا التطبيق إلى حين تحقق التعلم تماماً.

5- التفكير حول ما تمّ تعلمه:

وهي خطوة هامة يتزايد التركيز عليها يوماً بعد آخر لأنها تلفت نظر المتعلمين إلى أنهم قد اكتسبوا أو تعلموا شيئاً جديداً كما تدفعهم للتدقيق فيما تعلموه ، وكيف توصلوا إلى ذلك وإلى تحديد الصعوبات التي واجهوها في أثناء العمل بها والوسائل التي استخدموها للتغلب عليها وإلى اكتشاف فائدة ما تم تعلمه وفاعليته.

ويستحسن أن يتم ذلك أمام الجميع حيث يعرض كل واحد الأساليب أو الطرائق التي استخدمها في أثناء تعلمه وبهذا يطلعون كلهم على أساليب متعددة ويقارنون بينها ويقدرون جدوى كل منها وقد يعينون أفضلها.

ويمكن القول إن وضع قواعد وإجراءات لتسيير الأمور الصفية يهيئ للمتعلمين تعلم سلوكات ملائمة وبالتالي تنمية كفاءاتهم الاجتماعية وهذا يستحق ما يتطلبه إكسابه من تخطيط وتدخل من أجل تنفيذه وضبطه وتقويمه.

سادساً: مبادئ تجب مراعاتها في الإدارة الصفية:
• لما كان الصف الدراسي وسطاً اجتماعياً غير متجانس ، وتزداد تعقيداته يوماً بعد آخر ، فإن على المعلمين أن يتوقعوا أن تحقيق كل القواعد والإجراءات لا يتوافر دائماً ، وإن عوائق كثيرة تحول دونه ومما يمكن أن يساعدهم في ذلك الاستفادة من تطبيق المبادئ الآتية:
أن يكون المعلم يقظاً دوماً ليحس بما يجري في الصف ولهذا قال دويل ( Doyle ) إن على المعلم أن يراقب أموراً ثلاثة في الصف الجماعة الصفية ، والسلوكات الصفية ، وإيقاع العمل فمراقبة الجماعة تعطيه فكرة واضحة حول كيفية سير الأمور ومتابعة السلوكات التي تجعله ينتبه إلى الفجوة بين ما يجري وما يجب أن يجري وبهذا يلحظ مباشرة موطن الخطأ ويتدخل فوراً الأمـر الذي يجعل المتعلمين يحسـون أن المعلم يشـعر بكل ما يقومون به فيكفون عن معظم التصرفات الممنوعة أما بالنسبة لمراقبة إيقاع العمل فعليه أن يحافظ على سير العمل بوتيرة مناسبة حيث لا يستعجل المتعلمين ويربكهم ، أو يجعل الكثيرين منهم يتباطؤون فيؤخرون المسيرة المرسومة والفعاليات التي يتم القيام بها.

أن يتدخل المعلم بطريقة لبقة مع عدم التشهير بالمسيئين حتى إن من المحبذ أن يتكلم المعلم إلى أحدهم بصوت منخفض وغير ملفت للنظر عندما يتجول بينهم ليراقب أعمالهم وهم يقومون بعمل تعاوني أو نشاط فردي ... وفائدة ذلك أن المعلم لا يقطع العمل فيسيء إلى انسيابيته ويزعج المنهمكين فيه ، كما أنه لا يحرج شعور من قام به فيخلف تحدياً لديه ، كما يثير المتعاطفين معه أو المشاغبين الآخرين فيدفعهم لمشاركته.
أن يحافظ المعلم على جو مريح فيه شيء من المرح والفكاهة وهذا لا يتعارض مطلقاً مع وجوب الجدية المطلوبة ضمن حدود مثل هذا الجو المريح الآمن يبعد الصف عن التزمت والتشرد الذين يقتلان كل مبادرة فردية ويعرقلان الإقبال على العمل بتلقائية وبكثير من الدافعية وحب العمل ويبقى المطلوب دوماً التمييز بين الجو المرح والمتسيب.
أن يبدي المعلم التسامح وبخاصة مع المتعلمين التي لا تؤدي تصرفاتهم إلى تحدي النظام وإحداث خلل أو تشويش وفوضى في الصف كما لا تكون ناتجة عن انتقام بعضهم الذين عوقبوا فيكون تصرفهم رد فعل على ذلك ويبقى الأساس الذي يجب على المعلم أن يأخذ به إنما هو تفهم أسباب سلوكات المتعلمين من أجل معالجتها بدلاً من تناول السلوك نفسه والوقوف عنده.
احترام المتعلمين مهما كان عمرهم فالقاعدة التي تقول ( إذا أردت أن يحترمك الآخرون فاحترمهم أولاً ) تبقى صحيحة حتى مع الصغار فالطفل الذي لا يهان أو يقلل من قدره كثيراً ما يلتزم بالضوابط المرعية ، ولاسيما إذا شعر أنه في جو آمن من جهة وتلبت حاجاته المشروعة ، بما فيها تقديم الظروف الملائمة للتعلم من جهة أخرى وجوهر احترام المتعلمين بجعلهم يحسون أنهم مقبولون وأنهم يعاملون كأفراد معتبرين ، حتى عندما تكون سلوكاتهم غير مرضية فالحكم يجب أن يطلق على سلوكاتهم وليس على أشخاصهم مما يبقي لديهم الشعور بالكرامة الذي يسهم في تصحيح أخطائهم مستقبلاً.
عدم التهديد بعواقب لاحقة بسبب التصرف الذي تم القيام به ثم عند المباشرة بمعالجة التصرف المسيء عدم المبالغة في تلك المعالجة ، والاكتفاء بما يعيد الأمر إلى نصابه ، إلا إذا كان التصرف عاماً ، ولا يقتصر على تلميذ بعينه ، وعندها يجب البحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة خلفه
تجاهل المشكلات البسيطة أو الالتفاف إليها بشكل عابر يكتفى فيه بتدقيق النظر بمن يثيرها ، أو تذكير بالقاعدة التي يخرج عليها ، مع مداومة مراقبة الصف بانتظام ويقظة.
جعل المتعلم يضطلع فعلاً بمسؤولية تعلمه وجعله فاعلا لا منفعلاً كما طالب روسو ( Russow ) منذ قرون ومثلما ألح عليه ديوي ( Demay ) بشدة منذ مطلع القرن العشرين.
ضرورة جعل كل تدخل في الصف تربوياً مبنياً على معطيات علم النفس والتربية بدلاً من أن يكون نتيجة ردود فعل انفعاليــة لا تســـــــهم في تربية النشء وتخريـــج المـــواطن ( الإنسان السليم ).

سابعاً : التدخل التربوي والتقنيات المستخدمة:
• يكون الصغار ، بل حتى الكبار أحياناً ، غير عارفين أو مدركين حقيقة لما هو مطلوب منهم ، أو كيف يقومون بتنفيذه ، وأكثر من هذا لماذا عليهم الالتزام بذلك ثم إن بعضهم قد يقوم بتصرفات لا يعرفون أنها فعلاً غير سليمة ويجب الابتعاد عنها وعلى المعلم في مثل هذه الحالات ألا يكتفي بإيقاف السلوكات المشوشة غير المسموح بها وإنما عليه أيضاً أن يقوم بتعريف أصحابها بالقواعد التي تم الخروج عنها ، والتسويغات التي تدعو للأخذ بها ، وكيفية الالتزام بها.

أما عن السبل التي يتم عبرها تدخل المعلم من أجل الإصلاح فتكون بحسب خطورة التصرف من جهة ، وبحسب تواتر حدوثه عند تلميذ أو أكثر من جهة أخرى فقد لا يقتضي الأمر أحياناً أكثر من استخدام إشارات أو تنبيهات غير كلامية كنظرة معينة أو تعابير وجه موجبة ... أو مجرد تذكير سريع مقتضب بالقاعدة التي تم الخروج عليها كأن يقول المعلم إن مقاطعة الآخرين غير مسموح بها .... وقد يضطر المعلم تكرار طلب بعينه إلى أن يستجيب المتعلم للالتزام بها كأن يردد عدة مرات القول إن الضحك بمثل هذا الشكل غير مسموح به.

وقد يعمد بعض المعلمين ، وفي حدود المعقول إلى تجاهل بعض سلوكات غير مسيئة تماماً حتى لا يقطعوا سير العمل ، وحتى لا يعزز تلك السلوكات عند أصحابها الذين يرونها مجدية لأنها لفتت النظر إليهم كما كانوا يريدون وعندها على المعلم أحياناً في تعامله مع هؤلاء البحث عن سلوك مناسب لديهم وتعزيزه بالثناء عليه وبجعله بديلاً عن السلوك السابق إلى أن يثبت لديهم أما إذا لم يجد ذلك فقد يضطر المعلم إلى استخدام تقنيات محو أو إطفاء السوكات المفروضة بل حتى إلى إخضاع أصحابها إلى المعالجة حين لا تجدي الإجراءات السابقة كلها فقد يكون لدى هؤلاء مشكلات معينة تعود إلى أسباب نفسية أو اجتماعية وتحتاج إلى مختص لمعالجتها.

ومن تقنيات التخلص من السلوكات المسيئة استخدام العقاب أو الأخذ بأسلوب العواقب ، أو التعاقد مع المسيئين للنظام ، أو استخدام المكافأة لتشجيع السلوكات الايجابية لديهم وتنميتها ومن ثم تأصيلها.

لقد كثر الكلام في ميدان التربية وعلم النفس عن موضوع العقاب والكتب المختصة بهذين العلمين تغص بمعالجة الموضوع لهذا وحتى لا يكرر قول أمور معروفة ، يكتفى بالقول إن العقاب في مجال الصف أوجد بالأصل من أجل القضاء على السلوكات الممنوعة بأسرع مما يمكن. كما أنه لا يستطيع تعليم سلوك جديد ملائم يحل محل السلوك السابق، وفي هذه النقطة بالذات يكمن الجانب اللا تربوي فيه إذ أن ما يجب السعي إليه هو البحث عن التخلص من سلوك ، وإحلال آخر مكانه، والعقاب لا يسمح بذلك لأنه لا يعلم من يطبق عليه ماذا عليه أن يفعل كي يرضى عنه ، كما أنه لا يوجد حلاً ، على المدى الطويل للمشكلة التي اقتضت الأخذ به . يضاف إلى ذلك أن العقاب يساعد على خلق جو التحدي والتوتر في الصف الذي لا يساعد على التعلم ، ويولد العنف والهجوم المضاد أو الهرب والتجنب والخمود ، فيؤثر على مفهوم الذات. كما أنه يؤدي إلى التعود عليه إذا ما كثر الأخذ به.

وبسبب تلك المساوئ الكثيرة نادى التربويون بأن يعمل بأسلوب العواقب المنطقية كي تحل محل العقاب ، لأنها تفضي إلى تعلم السلوكات المناسبة.

   ويعتمد هذا الأسلوب على الرباط الطبيعي والمنطقي القائم بين السلوك الممنوع والنتائج الناجمة عنه، فالتلميذ الكسول يرسب، والكذوب لا يعود الناس يصدقونه. وهذا أمر قاس هو بمنزلة عقاب ، غير أنه لم يكن مصطنعاً خارجاً عن طبيعة العمل الذي سببه وهذا لا يعني أن العواقب تكون بعيدة عن تدخل المربين فتأتي تلقائية ويمكن للمربين وضع عواقب لكل عمل وتحديدها وتطبيقها ضمن شروط تربوية آمنة . فالتلميذ الذي تباطأ في عمله الصفي يحجز في أثناء الفرصة إلى حين الانتهاء منه والآخر الذي لم يقم بأداء الوظيفة البيتية لا يشترك بالألعاب الرياضية في الحصة التالية إلا حين إنهاء تلك الوظيفة وهلم جرا.....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه المادة مأخوذة بتصرف عن تعيين تدريبي

من إعداد الدكتور خالد الأحمد

خاص بدورة الموجهين الاختصاصيين والتربويين عام 2009

ليست هناك تعليقات: