مرجعك الدائم للنجاح والتفوق والتنمية الذاتية، والتحضير للمباريات والكفاءة التربوية والتأهيل المهني والشؤون الإدارية

بحث هذه المدونة الإلكترونية


مدارس الموهوبين

مدارس الموهوبين: تاريخ وتوجهات:

  تتعدد مناهج الاهتمام بالموهوبين و طرق تدريسهم وتتنوع، لو تجولنا عبر الزمان والمكان. سنحاول هنا أن نتتبع بدايات هذا الاهتمام والتعرف على الطرق والمناهج الرائجة، والأفكار كيف تطورت، وما الذي يطبق منها اليوم في العالم ونتعرف إلى التوجهات. لنتحدث في البداية عن شيء من تاريخ
هذا الاهتمام ونتابع التطورات ثم نركز على المناهج المتبعة ويكون مركز اهتمامنا مدارس الموهوبين باختلاف طريقة عملها وشكلها.

شيء من تاريخ الاهتمام بتعليم الموهوبين:

     يرجع تاريخ الاهتمام بالموهوبين إلى ستة قرون قبل الميلاد في الصين، حيث اهتموا بدروس للموهوبين من الأطفال. وكان هناك اهتمام في أثينا حيث دعا أفلاطون إلى العناية بالموهوبين فكرياً من الشباب رجالاً ونساءً. ولقد بدا الاهتمام كبيراً في عصر النهضة مدعوماً من الحكومة و الأسر الثرية، ونال كثير من الموهوبين عناية خاصة في مجالات الفن والعمارة والآداب وحظي كل منهم بالعناية والاهتمام وظلوا منغمسين في العمل يتوفر لهم كل ما يريدون من تعليم ومواد ودعم لا يشغلهم عن ابداعهم شيء.
     ثم جاء السير فرانسيس غالتون الذي قدم في نهاية القرن التاسع عشر دراسة من بواكير الدراسات التي اهتمت بقدرات الموهوبين الذهنية، وكانت قناعته أن الموهبة وراثية – حسب الفكرة البائدة التي تعرف باليوجينيا. و كان بعد ذلك أن تبنى لويس ترمان من جامعة ستانفورد عام 1916م فكرة قياس الذكاء و أطلق عليه مقياس الذكاء IQ ، كان تبناه عن ألفريد بينيت واختباراته.
     قبل ذلك بقليل، عام 1907م، كانت الطبيبة والمعلمة ماريا منتوسوري (1870-1952) قد أعلنت عن منهج جديد في التعامل مع الموهوبين بناء على فكرتها : “طبيعة الطفل الحقيقية”. كان ذلك نتيجة للدراسات التي أجرتها على الأطفال المعاقين والأطفال الأذكياء في بدايات القرن متأثرة بفكرة “التعليم العلمي” لذوي الاحتياجات الخاصة في القرن التاسع عشر التي قدمها جين ايتارد و إدوارد سيجوين. وعند ماريا منتوسوري، ُيترك الأطفال على سجيتهم، وطبيتعتهم ويُراقًبون، ثم تصمم لهم الفعاليات والتدريبات بحيث يكون التعلّم ذاتياً.
     أما ليتا هولينغورث، وهي زميلة لويس ترمان، فاهتمت بتصميم طرق تساعد أولئك الطلاب الذين تبين بالبرهان أنهم ذوو كفاءات ومهارات. وقد كانت مقتنعة أن دور البيت لا يقل أهمية عن دور المدرسة وهي مثل منتوسوري، تعتقد أن الأطفال الأذكياء، يعرفون جيداً كيف يعتنون بأنفسهم. كانت تؤكد على ضرورة اكتشاف الموهوبين مبكراً والتواصل معهم يومياً و وضع الموهوبين معاً في مكان واحد اعتماداً على تشابه القدرات والمهارات. يذكر لهولينغورث افتتاحها لمدرسة مخصصة للتلاميذ النابغين في نيويورك تعتمد منهجاً يقوم على الاستكشاف الذاتي بدل أن يكون هناك أساتذة يعرضون مواد متقدمة على فهم التلاميذ التلاميذ وفئتهم العمرية. ولقد نبهت هولينغورث إلى حاجات التلاميذ الموهوبين الاجتماعية والعاطفية وشددت على ضرورة الاهتمام بها وهي التي لا تراعى عادة في المدارس التقليدية العامة.
     بدأت بوادر الاهتمام بتدريس الموهوبين- رسمياّ- في الولايات المتحدة في حدود 1920م، لكنها تواصلت بتقدم قليل حتى الخمسينات. ثم جاءت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لتدعم الاهتمام بتعليم الموهوبين. كان الاتحاد السوفييتي قد أطلق القمر الصناعي سبوتنيك، فحفز ذلك الولايات المتحدة على الاهتمام بتقصي الموهوبين والاهتمام بهم في المدارس وتبنيهم. كان ذلك عام 1957م عندما شعر الأمريكيون أن التعليم عندهم قد فشل فشلاً ذريعاً. وفي تلك الحقبة، انتشر تسريع التعليم ودمج ذوي القدرات المتشابهة معاً وتم تعديل المناهج في ما يخص الرياضيات والفيزياء والأحياء.
     لقد كان تدريس الموهوبين في صُوَرِهِ الأولية ماض على الطريقة التقليدية مرتكزاً على المادة الأكاديمية كأساس. لكنه مع مرور الوقت، ظهرت نظريات تؤكد تدريس الموهوبين يجب أن يتخذ عدة جوانب. عام 1985، قدم روبرت سترنبيرغ نظريته الثلاثية بالنسبة للذكاء الإنساني. وأسس هذه النظرية الثلاثية هي: الأساس التحليلي، والأساس التركيبي و والأساس العملي.
     وقد كان بلوم عام 1956م وضع تصنيف العمليات الذهنية في ستة مستويات كما يلي. مستوى المعرفة وهو القدرة على استرجاع و تمييز المعلومات، ومستوى الفهم، وهو القدرة على استيعاب هذه المعلومات، ومستوى التطبيق، وهو استخدام الطرق والمفاهيم والمبادئ في ظروف وحالات جديدة، و مستوى التحليل، وهو القدرة على التفكيك إلى أجزاء أولية، ومستوى التركيب، وهو القدرة على تركيب الأجزاء الأولية إلى مركب جديد وهذا يتطلب أصالة وتفكيراً إبداعياً والأخير وهو مستوى التقييم والحكم على الأفكار والمفاهيم والمواد والعمليات والمناهج و وضع مقاييس ومعايير لذلك.
     أما هوارد غاردنر وآخرون، فقد كانت لديهم فكرة أن الذكاء متعدد وليس ذكاء واحداً. وهذه الفكرة شبيهة بفكرة سترنبيرغ من أن الذكاء ليس درجة ولا رقماً نقيس به الموهوب – كما نفعل عندما نقوم بعمل اختبارات مقاييس الذكاء IQ – ولكنه كفاءات ثمان على الأقل. هذه القدرات، ، حسب غاردنر، هي اللغوية و الرياضية المنطقية و الفراغية والموسيقية والحركية الجسمانية و التفاهم الذاتي والتفاهم مع الآخرين و الذكاء العاطفي؛ وكانت قدرة الذكاء العاطفي قد تمت إضافتها في كتاب له فيما بعد، إلى السبع القدرات الأولى.
     ويأتي جوزيف رنزولي، في مقدمة المنظرين في الوقت الحاضر الذي يعتمد ثلاث مواصفات في تحديد الموهبين هي وجود القدرة المتقدمة و الإصرار و الإبداع. ولقد شاع نموذجه هذا حيث أنه يشمل كثيراً من التلاميذ في المدارس و اتضح بالتجربة فعالية هذا النموذج في التعامل مع الطلاب الموهوبين بالتحديد.
     إن نموذج رنزولي في تدريس الموهوبين يضم ثلاثة عناصر. العنصر الأول هو مهارات الاستكشاف العامة أما الثاني فهو نشاطات تدريبية للمجموعات وأما العنصر الثالث فهو تقصي الأفراد والمجموعات الصغيرة لمشكلات حقيقية.
     أما كالفن تايلور فيعتقد أن كل طفل لديه موهبة بشكل أو بآخر. وأن كل ما علينا هو استكشاف مكامن هذه المواهب وتصميم مواد للعمل مع الحياة الحقيقية من أجل مساعدة الموهوب لتطوير مهاراته وتعزيزها. إن نموذج تايلور ينتهج سياسة تقصي كل الطلاب ومحاولة توسيع دائرة الموهوبين ودعمها ويطلق على هذا النموذج اسم نموذج تايلور لتعدد المهارات. أما المهارات التي تحضى بالاهتمام عند تايلور فهي مهارة الانتاج والتنبؤ و التخطيط و التواصل واتخاذ القرارت ويأتي هذا التصنيف من خلال رؤيته إلى أن المهارات يجب أن تكون نابعة من الواقع العملي...

ليست هناك تعليقات: