تربويات24 : |
كان المتوقع أن نبدأ العام الدراسي الجديد في المدرسة الجديدة التي كان مقررا بناؤها، قبل البدء في أشغال الطريق السيار الرابط بين مدينتي أحفير و بركان...
وبعدما تبدّد أملي في الانتقال إلى مدينتي (وجدة)، بسبب الحركة الانتقالية التي لا تُعرف لها معايير ولا مصداقية... قضيت العطلة الصيفية على أمل الالتحاق بالمدرسة الجديدة، بدلا عن المدرسة العشوائية التي عمِلتُ بها لسنين طويلة، و عمِل بها غيري ممن سبقوني... والتي كانت تشمل حجرتين أثريتين منذ عهد الاستعمار الفرنسي، وحجرات أخرى من البريفابريكي (préfabriqué)... طبعا كل ذاك في غياب الظروف الملائمة للتعليم و التعلم...
فوجئت يوم بداية الدراسة، بينما حافلتي تقترب من مدرسي القديمة... أنه لم يعد لها وجود... فقد هدم نصفها المجانب للطريق... و بقي نصفها الآخر يسبح في الفضاء الرحب... شارعا ذراعيه للهواء الطلق، مُرحِّبا بأشغال الطريق التي تستوحي مسارها من خطوات السلاحف الرشيقة...
و فوجئت أكثر بأنه لا وجود لأثر مدرسة ثانية بعد... وبالتالي، استنتجت أن العام الدراسي الجديد ستكون سِمته الارتباك والمعاناة لا محالة...
كان مخططا استعجاليا حقا، ذاك المخطط الذي يرمي للنهوض بقطاع التعليم ببلدنا، والذي لا يتوانى عن مفاجأتنا والتفنن - من حين لآخر- في إصدار قرارات استعجالية سِمتها الأساسية الارتجال والعشوائية وغياب التخطيط والدراسة... واللامسؤولية التي يحرص - طبعا وكالعادة- كل طرف على التنصل منها...
لم يكن مشروع الطريق السيار أمرا طارئا... ولا موقع المدرسة في نقطة ملتقى الطرق خافيا عن الأنظار فتتفاجأ به الوزارة المعنية... وتهرول مستعجلة بالهدم لفسح الطريق للأشغال...
فالكل كان يعلم بما سيترتب عن أمر كهذا... من أصغر معنيّ بالأمر إلى أكبر مسؤول... ولكن... ماذا عسانا نقول أو نفعل حين يكون هذا قدرنا... وهؤلاء رعاتنا...؟
لن أتطرق للمشاكل التي سيتعرض لها الطاقم التربوي ولا الإداري جراء ذلك... فمِنّا من سيتفهم الوضع الجديد ويصبر إلى أن يجِدّ جديد، ومِنّا من سيقلق ويتوتر لكي لا يجد في الأخير إلاّ الصبر أمامه...
لكن من سيعاني أكثر هم هؤلاء الأبرياء الذين سترتبك أوقات دراستهم، خصوصا منهم الذين يقطعون مسافة طويلة للوصول إلى المدرسة... ليجدوا معالم مدرسة تحت الأنقاض... لا سور لها، ولا حجرات درس كافية لتستوعبهم جميعا في ظروف ملائمة... ولا مرافق صحية خاصة... وكل من سبق له العمل بجدول الحصص الزمنية التي تعتمد صيغة التناوب على الحجرات الدراسية، يعي جيدا حجم الصعوبات التي سيتعرض لها هؤلاء المتعلمون...
ناهيك عن عراقل السير العادي "بالمؤسسة" بسبب الضوضاء والإزعاجات الأخرى الناتجة عن الأشغال القائمة بالمدرسة/الطريق...
وأغرب ما حصل خلال هذه الأيام، منذ بدء الدراسة، هو تحرك أولياء التلاميذ الذين غضبوا وصرخوا واحتجوا على الوضع الجديد... ولما أتيحت لهم الفرصة لطرح رؤيتهم ورأيهم أمام مسؤول من النيابة الإقليمية الذي حضر خصيصا لينظر في أمر الاحتجاج... راحوا يحتجون على أمور أخرى جانبية لا علاقة لها بتاتا بالمشكل المطروح... والنتيجة كانت: يستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن يُفْرج المسؤولون عن قرار جديد...
ولحد اليوم، لا يزال أولياء التلاميذ قلقين من إرسال أبنائهم للمدرسة، التي باتت تهدد أمن وسلامة أطفالهم، لأنها بين ليلة وضحاها أصبحت في الشارع... إضافة إلى مشكل جدولة الحصص الجديدة المعتمدة والارتباك الذي سببه...
هذه صورة موجزة لما يحدث بالمدرسة... وما لا يُفهم هو أن القطعة الأرضية التي كان يُفترض إقامة المدرسة الجديدة عليها موجودة... لكن الأطراف المسؤولة لم تتفق على حل... فكلٌّ يغني على ليلاه... وليلانا نحن ضاعت بين هؤلاء وأولئك...
وسننتظر ما ستأتي به الأيام القادمة...
بقلم الأستاذة كريمة العرابي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق