تربويات24 : |
ورغم سمات الشجاعة التي يتصف بها مجتمعنا ورغم ثقافتنا الإسلامية التي تؤكد على التوبة إلا أن أغلبنا تغيب عن ممارساته الاجتماعية ومضامين علاقاته الاجتماعية ثقافة الاعتذار حيث يعتبرها البعض شكلا من أشكال الضعف رغم أن الاعتذار لا يقوم به إلا من يملك مستوى عالياً من الشجاعة الأدبية..
لنا أن نتخيل مستوى الاحترام بين المعلم والتلميذ فيما لو اعتذر المعلم لتلاميذه عن خطأ غير مقصود وارتقى بعلاقته معهم إلى حيث تكون الثقة مسار التواصل.. ماذا لو اعتذر الأستاذ الجامعي لطلبته في موقف أو آخر.. رائع لو استطاع الأب أو الأم أن يدرك أن اعتذاره لأبنائه لا يهز مكانته بل يعمق جذور الحب والاحترام.. ماذا لو اعتذر أمام المسجد لطفل أو مراهق..؟
ثقافة الاعتذار ممارسة نحتاج كثيرا لأن تكون جزءا من تكوين علاقاتنا الاجتماعية بحيث نمارس الاعتذار بكل أريحية ودون تردد أو شعور بالخجل أو اعتباره ممارسة ضعف.
في المناسبات السعيدة نتذكر الأحبة ونتذكر الكثير من المواقف التي ربما أخطأنا فيها بحق عزيز أو قريب وربما باعدت بيننا إلى حد الانقطاع فيما كان اعتذار صادق وفي وقت مناسب كافيا لإصلاح العلاقة وعودة أواصر الود و الحب لعلاقة إنسانية.
أتمنى من مدارسنا أن تعلم أبناءنا وبناتنا ثقافة الاعتذار عبر ممارسات القدوة، إنها ثقافة مهمة قد لا يغرسها البيت وهو مقصر فيها، فالمدرسة مؤسسة تنشئة اجتماعية تعالج نواقص الأسرة خاصة في ثقافات ربما تغيب عن الأسرة السعودية مثل ثقافة الاعتذار وثقافة احترام الرأي الآخر.. مع ملاحظة أن أسرنا تنعم ولله الحمد برصيد كبير من القيم الجميلة والأصيلة ولكن أيضا نحتاج أن نغرس قيما أخرى تضيف لنا كمجموعة وكأفراد الكثير من الجمال.. والأجمل لو ارتقت ثقافة الاعتذار لمستوى أسمى بحيث لا نقع في الخطأ وخاصة تلك الممارسات غير الحضارية فلسنا مضطرين للاعتذار لعامل النظافة لو لم نُلقِ ورقة أو منديلاً في الطريق، ولن نكون مضطرين للاعتذار لرجل المرور لو لم نقطع إشارة المرور.. ولكن سيكون جميلا لو اعتذرنا لهم على خطأ ولم نعد له.
نحتاج كثيرا لنشر ثقافة الاعتذار فهي مستوى من مستويات الشجاعة الأدبية وهي سلوك النبلاء وتمثل حصانة قوية للابتعاد عن الخطأ واللامبالاة بمشاعر الآخرين.
اعتذر لطفلك أو ابنك أو ابنتك أو الخادمة أو السائق، لا تكتفِ بالاعتذار لرئيسك أو لمن يفوقك قوة.. نحن في حاجة لثقافة الاعتذار وفق احترام الآخر وليس الخوف من الآخر.
د.هيا عبد العزيز المنيع
لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق